احمد كيوان: الميدان يفرض قواعد اشتباك جديدة

التاريخ : 2017-10-27 07:21:22 |

وللدلالة على خطورة الموقف كان قبل ايام في تل ابيب المارشال شويغو وزير الدفاع الروسي وحين ياتي وزير الدفاع الروسي في خطورة نادرة جدا وغير مسبوقة فهذا يدل على ان في الامر شيئا على اعلى درجات الاهمية، فالوزير الروسي لم يأت لزيارة ودية، او ليشرب الفودكا مع الاسرائيليين كما انه لم يأت لبحث مسارات سياسية ليست من اختصاصه وانما جاء لشيء اكبر من ذلك بكثير فالوزير ومن موقعه العسكري الرفيع جاء ليقول للاسرائيليين ما يشبه التحذير لانه يدرك تماما كل صغيرة وكبيرة في السلوك الاسرائيلي المغامر في سوريا من خلال التهديدات المتكررة والتي قد تصل الى حد تفجير الاوضاع واندلاع حرب اقليمية شاملة، كان الاسرائيليون يلعبون بالنار طيلة السنوات السبع من عمر الازمة السورية ولم يستوجب ذلك ارسال وزير الدفاع الروسي الى تل ابيب واظن انه لم يقل لهم هذه المرة لا تلعبوا بالنار، وانما قال لهم لا تشعلوا النار!!

وللتاكيد على خطورة الموقف فان محور المقاومة سوريا وايران وحزب الله ليسوا بغافلين عما يجري، واذا امتصوا وعلى مضض في السابق اثار الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة نتيجة لاولوياتهم الميدانية في دحر الارهاب اولا، فان انجازات الميدان الاخيرة اعطت لهذا المحور الذي انتقل من الدفاع الى الهجوم ثقة كبيرة بالنفس وانه لا بد من مواجهة الطيران الحربي الاسرائيلي الذي كان يدخل الاجواء على هواه، ويضرب اينما شائ وكيفما شاء بدون ان يدفع ثمن اعتداءاته، فالذي بدأنا نراه الان ان سوريا وحلفاءها اصبحوا على جاهزية، وقدرة لمواجهة الخروقات الاسرائيلية المستمرة وليس من قبيل الصدف ان تطلق بطاريات الصواريخ السورية ***** تجاه طائرات اسرائيل التي كانت تحلق فوق البقاع اللبناني وهذه هي المرة الاولى التي تفعلها سوريا وكان ذلك خلال زيارة وزير الدفاع الروسي لتل ابيب، وفي البداية التبس الامر على الاسرائيلي الذي بقي ثلاث ساعات كاملة قبل ان يرد على ذلك، فاذا كانت اسرائيل في الماضي تصنع لنفسها خطوطا حمراء في سوريا، فالذي نقرأه من خلال الصواريخ السورية ان لمحور المقاومة خطوطه الحمراء كذلك والشيء الجديد ان تحليق الطيران الحربي الاسرائيلي فوق لبنان قد يكون جزءً من هذه الخطوط الحمراء، وهذا ان دل على شيء فانما يدل على ان قواعد اشتباك جديدة آخذة في التبلور والتي ربما ستعتبرها اسررائيل بمثابة ذريعة لاشعال فتيل الحرب.

وللدلالة على ان قواعد الاشتباك قد تغيرت فعلا تلك الزيارة الهامة جدا التي قام بها الجنرال ***** رئيس هيئة الاركان المشتركة للقوات الايرانية الى دمشق بالتزامن مع زيارة وزير الدفاع الروسي لتل ابيب ولاهمية زيارة الجنرال الايراني فقد امتدت على ثلاثة ايام مما يوحي بان حلفا حقيقيا بين طهران ودمشق قد تحقق وهذا يعني ان ايران اصبحت دولة مواجهة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى وهو تطور استراتيجي كبير لم تشهد المنطقة على مدار اكثر من اربعين عاما، واقصد هنا منذ زيارة انور السادات الى القدس وخروج مصر من الصراع مما اعطى اسرائيل حرية التصرف في المشرق العربي على هواها، وحين تدخل ايران في المواجهة فانه اكبر تعويض على خسارة مصر المؤقتة لانني على ثقة تامة بان مصر ستعود وفي اقرب مما يتوقعون لتكون راس الحربة في مواجهة التحديات التي تواجه الامة العربية، والقضية الفلسطينية. وحين يرفع الجنرال ابرام اورن صوته عاليا حتى لا ينزلق نتنياهو الى الهاوية فلانه يعرف تماما ما معنى الحرب القادمة ان وقعت لانها لن تشبه كل الحروب السابقة.

واذا كان نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة مأزومين حقا مهما حاولوا اظهار العكس، فان بعض الاعراب الذين يقيمون علاقات سرية وعلنية مع الاحتلال لعله يكون يوما ما عونا لهم، فانهم هم الاخرون مأزومون جدا واكثر من حكومة نتنياهو لان حالة الغليان في بلدانهم اكبر مما نتصور، فالخليج العربي وكذلك المغرب العربي كان ولا زال وسيبقى الى جانب الشعب الفلسطيني وقع القضية الكبرى للامة قضية فلسطين، وشعوب هذه البلدان تثبت كل يوم صحة ما نقول، فالذي حدث في المؤتمر البرلماني الدولي الذي انعقد قبل ايام في مدينة سان بطرسبورغ الروسية حين تصدى الفارس الكويتي مرزوق الغانم رئيس مجلس الامة الكويتي وطلب الرد على كلمة مندوب الكنيست الاسرائيلي نحمان شاي فاعطاه رئيس المؤتمر 45 ثانية كانت كافية لتعبث روحا جديدة في الامة، وبلغة لم نسمعها في عالمنا العربي منذ عشرات السنين حين قال للمندوب الاسرائيلي: "ايها الغاصب المحتل، اذا لم تستح فاصنع ما شئت احزم حقائبك واخرج من هذه القاعة ايها المحتل يا قاتل الاطفال ان كانت لديك ذرة من الكرامة" وبالفعل حزم الاسرائيليون حقائبهم وغادروا بعد  ان لاقوا صفعات قوية من غالبية الدول المشاركة في المؤتمر.

وقبل ذلك لاقى "البرلمانيون" الاسرائيليون صفعة لا تقل عما حدث في روسيا حين وقف العديد من النواب المغاربة يطالبون بطرد وزير الحرب الاسرائيلي السابق عمير بيرتس (وهو مغربي الاصول) الذي دعاه رئيس مجلس النواب المغربي للمشاركة في مؤتمر في المغرب، وبالفعل تم طرد بيرتس حيث لم يستطع تجميل صورة الاحتلال الاسرائيلي في المغرب العربي، وكذلك عجز زميله نحمان شاي في تجميل صورة هذا الاحتلال لا في موسكو ولا في الخليج وتحية لشعبنا العظيم في الكويت وفي كا اقطار الامة العربية لانهم هم رهاننا الوحيد في معارك الامة الكبرى والفاصلة.