د. يوسف جبارين: رزق اغبارية.. أحب مدينته وأحب شعبه

التاريخ : 2017-12-13 22:39:27 |

غيَّبَ الموت قبل عدة أسابيع ابن مدينة ام الفحم، الذي أحبّ كل زاوية في ثناياها، وحمل رسالة العطاء والحب لابنائها وبناتها، رزق ابو معروف اغبارية.
نعرف كم قاسٍ هو الموت. لكننا نجد في وفاة رزق قساوة اضافية، تختبىء وراء شخصيته الانسانية المميزة، وبين ظروف وفاته ومشيئة الأقدار.
هو الموت يخطف الشباب دون استئذان، وينهي سيرة الحياة دون استئناف. لتبقى الذكريات الطيّبة، التي بدورها تعجز عن ان تأتي بعد اليوم بالمزيد. تمتزج ذكرى المرحوم بدمعة محبة في مشهد واحد من استذكاره، وبابتسامة حزينة في مشهد آخر يبتسم فيه للحياة، ونبتسم معه.
كان دائم البسمة، ودمث الأخلاق. مثقف ووطني، أحب مدينته وأحب شعبه، فتمحورت كل احاديثه حول البحث عن مستقبل افضل لام الفحم ومستقبل احلى للشباب، وعن مستقبل مشرق لكل ابناء وبنات شعبنا. همّه تمحور حول الشأن العام ومصلحة الناس، حتى اصبح بمكان مرجعية لطلب الاستشارة والرأي، بل صاحب النظرة الناقدة الشمولية.

سنفتقدك يا رزق، وستفتقدك كل احياء ام الفحم في كل مناسباتها القادمة، الاجتماعية والسياسية. ستفتقدك كل التيارات السياسية التي طالما كنت صديقًا لها لخدمة قضايا شعبنا، وفي مواجهة غطرسة المؤسسة واستعلائها.
انتخابات البلدية اصبحت قريبة، وانتخابات الكنيست ايضًا قريبة. العنف في ام الفحم يتفاقم، والشباب في المدينة يبحث بقلق عن المستقبل.
اين انت يا رزق الآن من كل هذه الأحداث؟ اين انت لتدلي بدلوك في النقاش والتحليل والطروحات.
قد نتفق معك، وقد نختلف، لكننا ابدًا لا نشك للحظة انك تبحث عن الأفضل وعن الاحسن وعن الأجمل، وتدافع قدر المستطاع عن عافية الصالح العام وعن نقاوته.
رسالتك كانت وما زالت زاهية، تدعو إلى التسامح والتعاضد والى تعزيز التكافل الاجتماعي وتوطيد أواصر العلاقات بين أبناء الشعب الواحد وأصحاب المصير المشترك. كيف لا وانت الذي أكدت، مرارً وتكرارًا، أهمية الوحدة الوطنية والعمل الجماعي، وحيوية ترك الخلافات وصغائر الأمور، كي لا تغرق السفينة.
سيبقى مكان رزق ناقصًا في المناسبات الاجتماعية والوطنية، وفي كل مرة تعيش فيها ام الفحم حدثًا محوريًا لاهاليها. سيفتقده ميدان المدينة، وتفتقده مكاتبها ومقاهيها، ستفتقده أزقة احيائها التي مرّ بها يوميًا وكأنه يسأل عن أحوالها، بل يعدها بالتغيير.
عزاؤنا بسيرته الطيّبة على لسان وفي قلوب كل من عرفه، وبمسيرته العطرة التي لازمته بحياته ولن تفارقه بمماته.
له الرحمة، ولاهله ومحبيه ولاصدقائه الكثر، حسن العزاء.

** القيت هذه الكلمة في اللقاء التأبيني الذي اقيم يوم السبت الماضي في ام الفحم لذكرى المرحوم رزق اغبارية